خطتي للاكتفاء الذاتي الغذائي في الجزائر خلال موسم فقط :
الأمة التي تأكل من يد غيرها هي أمة محكوم عليها بالتبعية والضعف والهوان ، وهي أهون من بيت العنكبوت " ... يقال لي باستمرار بما أنك حققت انجازات علمية مهمة لماذا لا تعطينا حلول للجزائر ؟ أنا أعطي الحلول باستمرار وفي عدة مجالات ، ولكن مع الأسف لا توجد آذان صاغية لي من قبل السلطات ... عموما :
الجزائر اليوم تستورد نسبة كبيرة من غذائها من الخارج ، هذه الدولة التي كانت سلة غذاء أوروبا من قبل ، لدرجة أن من أسباب احتلال الجزائر من فرنسا كان بسبب ديون فرنسا للجزائر من القمح ، حيث كانت الجزائر تطعم فرنسا ، وتنقلب الآية اليوم لتصبح الجزائر من تستورد من فرنسا ( ودول أخرى ) ، لا يمكن وصف مدى فداحة هذا الفشل الاستراتيجي .
شهدت الجزائر نقلة نوعية زمن الثورة الزراعية ، حيث كانت نموذج يحذى في المجال الزراعي ، إلا أن ذلك ضرب في الصميم عند هيكلة قطاع الزراعة في أواخر الثمانينات ، فيما يسمى الانفتاح الاقتصادي الذي كان غير مدروس ودمر القطاع الزراعي تماما ، وجعل الجزائر مرهونة في غذائها للخارج ، ومن هنا مشكلة كل شيء في هذا القطاع ، حيث تم توزيع الأراضي الفلاحية التابعة للدولة على الشعب ، دون أدنى شروط أو متابعة فيما بعد ، والنتيجة أن أغلب هذه الأراضي لا يتم استغلالها ، وعند استغلالها تستغل في زراعة أشياء الأقل إلحاحا وطلبا ، والنتيجة هي أننا اليوم نستورد نسبة عظيمة غذائنا من الخارج ، ولك أن تتخيل في حال تعرض الجزائر لعقوبات دولية لسبب أو آخر ماذا سيكون عليه الحال حينها ، من لا يعرفون فداحة هذا الأمر فهو يعني أن ترفع الجزائر الراية البيضاء بدون طلقة رصاصة واحدة خلال سنة على الأكثر ، ولن يفيدها أي سلاح طالما غذاءها في يد غيرها ، فهل يدرك المسؤولون هذا الكلام !!!
الآن شخصنا المشكلة باختصار شديد ، وجاء دور الحل ... لا يمكننا استعادة تلك الأراضي بأي شكل الآن بعد مضي كل هذه السنين ، لكن يمكن التحكم فيها بشكل أو بآخر ، بل وبشكل أكثر فاعلية من الثورة الزراعية ، وذلك بفرض قانون ورقابة صارمة ، بحيث تسحب جميع الأراضي من الذين لا يزرعونها ، وتعطى لمن يزرعها ، ويطبق هذا بقبضة حديدية ، لأن الدولة لم تعطك الأرض من أجل أن تتركها للأشواك ، وقانونيا هي ملك الدولة ، الشيء الثاني المهم هو التحكم فيما يزرع في تلك الأراضي ، بحيث تفرض نسبة مئوية من هذه الأراضي بحيث يجب زراعتها حسب احتياجات البلد الغذائية ، مثلا إذا كان لشخص 30 هكتار ؛ ما فائدة الدولة إذا زرعها كلها شعير ، وكل الفلاحين زرعوا شعير كما هو الحال غالبا ، الشعير لن يعطيني اكتفاء ذاتي ، ولا حماية غذائية ، مهم نعم ، ولكن ليس كل الأراضي تزرع شعير ، هنا نتدخل لفرض نسبة مئوية من تلك الأرض ولتكن مثلا 5 هكتار من مجمل 30 هكتار تزرع إما قمح لين أو صلب ، أو خضار أو فاكهة ، وتفرض هذه النسبة وتتابع بصرامة ، ولا بأس من إعفاء أصحاب الأراضي الصغيرة من ذلك الشرط ، وليكن مثلا يعفى من يملك أقل من 5 هكتار من هذا الشرط ، ( وملاحظة هامة : هذا لا ينطبق على ملاك الأراضي ، فذلك حر فيما يزرع ، بل يطبق على من أخذوا أراضي الدولة في الهيكلة ) ، وكل هذا يطبق بعد دراسات معمقة من مراكز الدراسات المتخصصة ، لتحديد النسب المؤوية وكل التفاصيل ، ولكن هذه هي الخطة الاستراتيجية والبقية تفاصيل .
دون الحديث عن استصلاح باقي الأراضي الزراعية ، فالجزائر لا تستغل سوى 8 مليون هكتار من مجمل 40 مليون هكتار ، والنسبة قابلة للزيادة ، شعاري في هذا " الأرض لمن يزرعها " .
قد يقول آخر لا يمكن تحقيق الاكتفاء لأن الجزائر ليس بلد مائي ، ويرد على هذا الكلام بأن الجزائر حققت الاكتفاء والتصدير من قبل وبامكانيات أقل من الموجودة حاليا ، ونقطة يجهلها الكثير بأن الجزائر تتربع عى أكبر مخزون مائي جوفي في العالم ، وهو غير مستغل بالشكل المطلوب في هذا المجال ، واستراتيجيتي أن يتم استغلاله بالشكل المطلوب ، هذه اختصارات فقط وخطوط عريضة لخطة تجعل الجزائر من مستورد للمواد الغذائية إلى مصدر لها خلال موسم فقط أو موسمين زراعيين على الأكثر ، لكن الأزمة لم تكن أزمة لا موارد ولا امكانيات ، ولكن أزمة عقول وأزمة رجال ، وأزمة إرادة أيضا .
عزالدين قداري الإدريسي .